حقيقة ام زيف

هل يستخدم الانسان 10% من قدرات دماغه… حقيقة ام زيف ؟
L
في فيلم الخيال العلمي الجديد “لوسي” وهو من تأليف وإخراج لوك بيسون، تلعب سكارليت جوهانسون دور فتاة يتم إجبارها على العمل ضمن إحدى عصابات توزيع المخدرات، وتُزرع مادة نادرة وممنوعة في أحشائها ليتم نقلها لدولةٍ أُخرى. من غير قصد، يتسرّب بعض من هذه المادة إلى دمها وتؤثر على جسدها – والأهم على دماغها.
لوسي تطور القدرة على استخدام الجزء الأغلب “غير المستغل” من دماغها، وهو الخامل عند معظم البشر كما يزعم الفيلم.، يذكر صاحب الصوت الجهوري الوقور مورغان فريمان ?يلعب دور الأستاذ نورمان، وهو باحث وطبيب علم نفس ) “تقديريا معظم البشر يستخدمون 10? فقط من قدرة أدمغتهم. ولكم أن تتخيلوا لو استطعنا الوصول إلى تفعيل 100% من القدرة الدماغية، ستحدث أشياء مثيرة”.
وكلما تقدمت أحداث الفيلم، تصل لوسي إلى تفعيل المزيد من قدرتها الدماغية، حيث تكتسب قدرات فوق طاقة البشر، مثل سرعة القراءة، وذاكرة فوتوغرافية، والمعرفة الموسوعية، والقدرة على تعلم لغة أجنبية في ساعة واحدة، وقدرات ذهنية مثل التحريك الذهني ?تحريك الأجسام عن بعد بواسطة عقلها? ، عندها تبدأ رحلة الإنتقام مستغلة قدراتها الخارقة، في أحد المشاهد سئل البروفسر نورمان، “ماذا يحدث عندما تصل لوسي إلى تفعيل 100% من قدرتها الدماغية؟” فأجاب: “ليس لدي أي فكرة.”
في الواقع، لدى العلماء تصور جديد عنما يحدث عندما يستخدم الناس كامل أدمغتهم – لأن معظمنا يفعل هذا أصلا: الرقم 10% مجرد خرافة.
“لوسي” ليس فيلما وثائقيا، بطبيعة الحال، وهو بالكاد يكون أول فيلم خيال علمي يسئ فهم العلم. ولكنه قد يكون أحدث وأبرز مثال لخرافة علمية عمرها عقود. انها ليست مجرد حقيقة علمية تافهة صادف ذكرها بالخطأ كما في فيلم “Terminator 2,” عندما قالت سارة كونور “يوجد 215 عظم في جسم الإنسان،” في حين أن هناك 206 عظم فقط. في لوسي، الفيلم بأكمله مبني على خرافة.
الحقيقة أن البشر يستغلون كامل قدراتهم الدماغية. تقنيات أبحاث تصوير الدماغ مثلPET ?التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني? المسح الضوئي وfMRI ?التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي? تظهر بوضوح أن أغلب قدرة الدماغ تكون مستغلة وليست خاملة كما تزعم الخرافة. على الرغم من أن بعض الأنشطة قد تستخدم حيز صغير من الدماغ في وقت ما ?على سبيل المثال، مشاهدة تلفزيون الواقع)، أي مجموعة معقدة بما فيه الكفاية من الأنشطة ستستغل أجزاء كثيرة من الدماغ.
في كتاب ?أشهر 50 خرافة في علم النفس?، يذكر الدكتور سكوت ليلينفيلد، ” شهد القرن المنصرم ظهور تكنولوجيات متطورة على نحو متزايد لمراقبة ناقلات الدماغ. … وعلى الرغم من كل الخرائط التفصيلية، لم تظهر أي مناطق خاملة تنتظر مهام جديدة. في الواقع، حتى المهام بسيطة عموما تتطلب مساهمات مناطق معالجة تنتشر فعليا في جميع أنحاء الدماغ “.
يعتبر الدماغ العضو الأقوى والأكثر مرونة، حيث يمكن للدماغ البشري أن يتعلم لغات جديدة ومهارات معقدة بشكل جيد في مرحلة البلوغ. في الواقع من الصعب التكهن بقدرة الدماغ ، على الرغم من أن الجواب يعتمد على تحديد نوع القدرة المقصودة. فإن معظم الناس لا يمكنهم سوى تذكر حفنة من الأرقام العشوائية باستخدام الذاكرة قصيرة الأمد، من خلال التدريب ?والاساليب مثل “طريقة قصر الذاكرة” والتي تساعد على التذكر بواسطة التصور? يمكنها أن تزيد فعالية التذكر بشكل كبير.
فمن أين أتت خرافة الـ 10% ؟
بحث عالم النفس وفسيولوجيا الدماغ باري بيرستين من جامعة سايمون فريزر الخرفات العصرية في فصل من كتاب?خرافات العقل: استكشاف الأسرار اليومية للعقل والدماغ (حيث يتتبع سرد القصة التي تعود إلى الجزء الأول من القرن ال20.
لا أحد يعرف على وجه اليقين اجابة هذا السؤال. إلا أن المزاعم الرائجة تقول أن الصحفي لويل توماس ساعد في نشر هذه الخرافة في مقدمة كتاب التحفيز الذاتي الشهير لديل كارنيجي ?كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس?. توماس حريف اقتباس عالم النفس الأمريكي اللامع ويليام جيمس عندما قال أن الشخص العادي على وجه التحديد “يطور 10% فقط من قدراته العقلية الكامنة.”
في الحقيقة جيمس أشار بغموض أكثر إلى “الطاقة العقلية الكامنة لدينا.” في حين زعم آخرون أن آينشتاين نسب ذكائه الموهوب إلى قدرته على استخدام أكثر من 10% من قدرته العقلية، وهذا في حد ذاته لا يعدو كونه خرافه. مصدر آخر محتمل لخرافة 10% وهو اكتشاف “القشرة الصامتة” من قبل عالم الاعصاب ويلدر بنفيلد في ثلاثينات القرن المنصرم – وهي المناطق الدماغية التي تبدو غير ذات وظيفة بعد تحفيزها بالكهرباء. إلا أننا اليوم نعرف أن هذه المناطق ليس عاطلة بل ذات نشاط وظيفي على عكس ما اعتقد بنفيلد .
هل هناك حقا من يصدق هذه الخرافة بعد الآن ؟
للأسف يبدو ذلك جليا، على سبيل المثال، في عام 2012، أظهرت دراسة استقصائية على معلمي المدارس في بريطانيا وهولندا أن 48 % و 46% على التوالي، يؤيدون الخرافة. في العام الماضي، أظهرت دراسة استقصائية أخرى في الولايات المتحدة والتي أجريت من قبل مؤسسة مايكل فوكس لأبحاث باركنسون أن 65% من الناس يصدقون بهذه الخرافة.
في بعض الحالات يسيء الناس فهم أو تفسير النتائج العلمية المشروعة، في حين يتم ترويج الخرافة بواسطة حركة التحفيز الذاتي.
كتّاب- التحفيز الذاتي مثل ديل كارنيجي، مؤلف الكتاب الكلاسيكي “كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس” وجماعات مثل هؤلاء الذين يعززون التأمل خارج نطاق الواقع والبرمجة العصبية اللغوية يشيرون لهذه الخرافة. حيث يعدون بتعليم الناس طرق الإنطلاق في الحياة من خلال استغلال قدراتهم العقلية الكامنة.
بقدر جمالية أن تمتلك القوى الخارقة مثل لوسي، ثق بأنك لن تحصل عليها باستخدام قدر أكبر من قدرات الدماغ. ببساطة لانك بالفعل تستخدم كامل قدراتك الدماغية- للأفضل أو للأسوأ فلذا بدلا من تصديق ذلك اجتهد وتحلى بالعزيمة والثقة فهنا تكمن قدراتك .
شكرا على القراءة ولا تنسى الاعجاب و المشاركة ‎و

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.