ما هو تعريف علم المنطق؟ كلمة النطق بضم النون و سكون الطاء التي هي كما هو معروف (اللفظ بالقول) و لكن هناك معنى ثان لكلمة النطق يذكره صاحب معجم الوجيز بأنه (الفهم) و صاحب معجم الوسيط بـأنه (الفهم و ادراك الكليات) و هناك معنى ثالث و هو (القوة العاقلة التي بها يدرك الانسان الكليات أو بها يفكر). و سمي هذا العلم بعلم المنطق لانه يصحح عمل هذه القوة العاقلة. ببساطة علم المنطق هو (علم يبحث كامل عن القواعد العامة للتفكير الصحيح) و يذكر الشيخ المظفر تعريفا لعلم المنطق أستحسن عرضه هنا و يقول (آلةُ قانونيةُ تعصم مراعاتُها الذهنَ عن الخطأِ في الفكر). آلة: يبين هذا التعريف أن علم المنطق من العلوم الآلية حيث تنقسم العلوم الى قسمين علوم تالرجاء تقديم لنفسها و علوم تالرجاء تقديم لغيرها من العلوم. أما العلوم التي تالرجاء تقديم لنفسها مثل علم الالعلوم الفزيائية فهو علم ندرس مشروحه لمعرفة نفس مسائله و اما العلوم التي تالرجاء تقديم لغيرها من العلوم مثل علم الجبر فهو علم لا يالرجاء تقديم أو لا ندرس مشروحه لنعرف نفس قوانين الجبر بل ندرس مشروحه ونتعلمه لحل المسائل الرياضية التي نريد الوصول فيها الى مجهولات حسابية كذلك علم المنطق من العلوم التي تالرجاء تقديم لغيرها من العلوم فهي آلة أو اداة لغيرها من العلوم و خادمة لها و لا تالرجاء تقديم لنفسها. قانونية: وصف الآلة بأنها قانونية في اشارة الى أن هذه الآلة تعطيك قواعد عامة وقوانين عامة تحتها جزئيات ومصاديق كثيرة بمعنى أن كل قاعدة و كل قانون في هذا العلم له مصاديق كثيرة لتطبق عليها. فهذا العلم يعطيك القوانين العامة للتفكير الصحيح التي يمكنك أن تطبقها في كل العلوم حتى علم الجبر الذي شبهنا هذا العلم به. تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر: هنا يريد المعرف أن يشير الى: أولا: قد يعترض المعترض و يقول أنكم تقولون أن علم المنطق يعصم صاحبه عن الخطأ في الفكر و لكن هذا لا يحصل دائما فنرى الشخص يدرس مشروح علم المنطق و لكنه يخطأ في التفكير فلا فائدة منه. و يرد عليه بطريقتين شرح طريقة نقضية و هي أننا نجد أن الدراس لعلم النحو و علم الصرف أيضا يخطأ في مادة العربية فهل نقول أن دراسة مادة العربية لا نفع منها؟ و شرح طريقة حلية باعتبار أن الرد النقضي لا يحل الاشكال بل يزيد الاشكال اشكالا و هي أن خطأ الدارس لعلم المنطق في التفكير و في طرق الاستدلال لا يعني أن المنطق لا نفع منه بل يعني أن الدارس لم يطبق القواعد و القوانين التي تعلمها بشرح طريقة صحيحة بحيث لم يكن قد تمرن عليها حتى تصبح ملكة له فعلم المنطق لا يعصم المفكر عن الخطأ الا بمراعاة قوانينه و قواعده و التمرن عليها حتى تصبح ملكة. ثانيا: علم المنطق لا يعلم الانسان التفكير أو لا يقول للانسان فكر بل هو يعصم تفكيره أو قل يقول له اذا فكرت ففكر بهذه الشرح طريقة. ما هي أهمية علم المنطق و ما الغاية منه؟ يقول الشيخ المظفر في كتاب كامله منطق المظفر: (خلق الله الانسان مفطورا على النطق، و جعل اللسان آلة ينطق بها و لكن مع ذلك يحتاج الى ما يقوم نطقه و يصلحه، ليكون كلامه على طبق اللغة التي يتعلمها من ناحية هيئات الألفاظ و موادها ، فيحتاج أولا الى المدرب الذي يعوده على ممارستها، و ثانيا الى قانون يرجع اليه يعصم لسانه عن الخطأ، و ذلك هو النحو و الصرف. و كذلك خلق الله الانسان مفطورا على التفكير بما منحه من قوة عاقلة مفكرة، لا كالعجماوات. و لكن مع ذلك نجده كثير الخطأ في أفكاره فيحسب ماليس بعلة علة، و ماليس بنتيجة لأفكاره نتيجة، و ماليس ببرهان برهانا، و قد يعتقد بأمر فاسد أو صحيح من مقدمات فاسدة… و هكذا. فهو اذن بحاجة الى ما يصحح أفكاره و يرشده الى طريق الاستنتاج الصحيح و يدربه على تنظيم أفكاره و تعديلها. و قد ذكروا أن علم المنطق هو الأداة التي يستعين بها الانسان على العصمة من الخطأ و ترشده الى تصحيح أفكاره… اذا فحاجتنا الى علم المنطق هي تصحيح أفكارنا، و ما أعظمها من حاجة!). وجدير بالذكر بأنه في القرون القليلة الماضية نوقش المنطق الأرسطي مناقشة حادة جدا و خصوصا على يد امثال فرنسيس بيكن الانجليزي و ديكارت الفرنسي فهؤلاء هاجموا المنطق الأرسطي بأكمله لا بعضه هجوما عنيفا جدا بنحو وصفوه بأنه باطل و انه غير مفيد لاسقاط هذا المنطق عن الفكر الذي يحكمه و لكن في الفترات الاخيرة هذا الهجوم خف عن وطاته السابقة و بدأ المفكرون الغربيون يفكرون بشكل أدق لا بالشكل الرافض للمنطق الأرسطي جملة و تفصيلا. ما هو موضوع علم المنطق؟ لنتعرف أولا على المقصود من (موضوع العلم)، نقول: موضوع كل علم هو ذلك المحور الذي تدور كل مسائل ذلك العلم حوله. مثلا في الرياضيات كل مسائل علم الرياضيات تدور حول محور واحد و هو العدد فيكون العدد هو موضوع علم الرياضيات. (ان موضوع علم المنطق عبارة عن المعرف و الحجة، أي: ان مسائل المنطق اما أن تبحث كامل في المعرفات، أي: التعاريف. و اما أن عن الحجج، أي: الأدلة. و يكفينا في هذه العجالة العلم بأن كل علم لا يخلو من شيئين: الأول: تعريف سلسلة من الأمور، و الأخر: الاستدلال على اثبات مجموعة من الأحكام. ان علم المنطق يحاول تلقيننا شرح طريقة التعريف و الاستدلال الصحيح..) ما مدى قبول المسلمين للمنطق الأرسطي؟ يقول الأستاذ السيد كمال: (لا بد ان نقف متأملين عند هذا المنطق لنرى أن هذه القوانين وأن هذا العلم الذي جاءنا من فكر آخر باعتبار أن الفكر اليوناني فكر له أصوله و له قواعده و اتجاهاته المختلفة عن الفكر الاسلامي الذي جاء به القرآن و رواية أهل البيت عليهم أفضل الصلاة و السلام لنرى أن هذا الفكر هل يمكن أن نقبله ضمن اطارنا الفكري أم لا يمكن أن نقبله، فهل نرفض المنطق الأرسطي رفضا مطلقا كما فعل بعض الغربيين - سيأتي ذكره - أم نقبله قبولا مطلقا كما يحاول البعض أن يدع بأن كل ما قاله أرسطو صحيح كما ذكر الشيخ الرئيس رحمة الله تعالى عليه: هو الحق الصحيح الذي لا يوجد غيره أم لا بد من أن نحقق فيه لنرى الصحيح من الخطأ؟) (1) و يقول الغزالي: (إن المنطقيات لا بدّ من إحكامها، فهو صحيح، و لكن المنطق ليس مخصوصاً بهم، وإنما هو الأصل الذي نسمّيه في فن (الكلام) (كتاب كامل النظر) فغيّروا عباراته إلى المنطق تهويلاً، و قد نسمّيه (كتاب كامل الجدل)، وقد نسمّيه (مدارك العقول) فإذا سمع المتكايس المستضعف، اسم المنطق، ظن أنه فن غريب، لا يعرفه المتكلِّمون، و لا يطلع عليه إلا الفلاسفة… و نناظرهم فى هذا الكتاب كامل بلغتهم، أعنى بعباراتهم في المنطق، و نوضح ان ما شرطوه فى صحة مادة القياس و ماوضعوه من الاوضاع فى ايساغوجى وقاطيغورياس التى هى من اجزاء المنطق و مقدّماته لم يتمكنوا من الوفاء بشىء منه فى علومهم الالهية) (2) أما ابن حزم فيقول: (إن ما سلف من الحكماء قبل زماننا جمعوا الكتب الكاملةًا رتبوا فيها فروق وقوع المسميات تحت الأسماء التى اتفقت جميع الأمم فى معانيها وإن اختلفت فى أسمائها - إذ الطبيعة واحدة و الاختيار مختلف - و رتبوا شرح طريقة كيف يقوم بها المعلومات من تراكيب هذه الأسماء فحدوا فى ذلك حدودًا و رفعوا الإشكال فنفع الله تعالى بهم منفعة عظيمة و قربت بعيدًا و سهلت صعبًا و ذلك عزيز فى إرادة الحق، فمنها الكتب الكاملة أرسطوطاليس الثمانية المجموعة فى المنطق) (3) كما حاول متى بن يونس المنطقي إثبات حيادية المنطق و دقته و واحديته في تمييز الحق من الباطل إذ قال: (لا سبيل إلى معرفة الحق من الباطل و الصدق من الكذب و الخير من الشر و الحجة من الشبهة و الشك من اليقين، إلا بما حويناه من المنطق و ملكناه من القيام به، و استفدناه من واضعه على مراتبه و حدوده - يقصد أرسطو - فاطلعنا عليه من جهة اسمه على حقائقه) (4) و قد ووجه المنطق الأرسطي بشده من قبل البعض من امثال ابن تيمية الذي ألف (الرد على المنطقيين) و (نقض المنطق) للرد على المنطق الأرسطي. المراجع ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الدرس مشروح الأول في علم المنطق للأستاذ السيد كمال الحيدري. (2) كتاب كامل تهافت الفلاسفة لأبي حامد الغزالي/ مقدمة رابعة. (3) ابن حزم / التقريب لحد المنطق تحقيق إحسان عباس ، دار الحياة د . ت ص6 . (4) الإمتاع و المؤانسة / أبو حيان التوحيدي.
تأسست مدونة العقلانيون للمعلومات عام 2013 وهي مدونة تهتم بجديد شروحات الحاسوب من انظمة تشغيل وبرامج والعاب والكثير من الشروحات فى جميع مجالات التقنية تحتوى المدونة على مجموعة اقسام مميزة لجميع شروحات الحاسوب ونسعى لتقديم كل جديد باذن الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق